ماليزيات (8)

من هواياتي اللتي أفتقدها الان هي “العمل المسرحي”. منذ طفولتي وانا أشارك في برامج مسرحية، أذكر أول عمل مسرحي كبير شاركت فيه كانت ملحمة مسرحية في عام 1411 هجري في مدرسة إبن الجزري الإبتدائية، كنا وقتها نقيم مركزا صيفا فيها. وفي ماليزيا شاركت في أعمال مسرحية كثيرة في الجامعة. بعد أن بدأت الحياة العملية، كنت في حالة تواصل مع بعض الماليزيين الذين عملت معهم في المسرح، وكانوا دائما يطلبون مني الإنتقال من عالم المسرح إلى عالم الشاشة الصغيرة أو الكبيرة، ولكني كنت أرفض ذلك لإعتبارات شرعية وإعتبارات عرقية، لأن أغلب الأدوار اللتي كانت تعرض على “الخوال” كانت أدوار إجرامية. والإفلام نفسها لم تكن مشاريع هادفة بل فيلم فيه مافيه من الملاحظات. ولكن حبي للمسرح جعلني أنضم إلى مركز الفنون التمثيلية الماليزي، وكنت في إنتظار الفرصة المناسبة لتقديم شيئ مناسب. في يوم جائتني رسالة عن طلب ممثلين لفيلم ماليزي بإنتاج ألماني. فكرت كثيرا، كنت أريد معرفة النص ولكن لم يكن ذلك ممكننا قبل عمل التسجيل لحضور تجارب الاداء “Audition”. فكرت وقلت
دعني أذهب، إذا لم أرتح للعمل ممكن أن أعتذر. فسجلت ووصلني بالبريد الإلكتروني نص الفيلم، وهو يدور حول مشكلة مازالت ماليزيا تعاني منها الى الان، وهي شركات إقراض الاموال. فبإمكان أي شخص الذهاب لهم وإقتراض أي مبلغ يريده، والفوائد الربوية مضاعفة، واذا لم يدفع تقطع يده او رجله او يقتل. وكانت تلك أول مره اقرأ فيها نص فيلم. فذهبت إلى موقع تجارب الأداء.

صعدت إلى الأعلى وقبل أن أطرق الباب غيرت رأيي وعدت مره أخرى. بعد أن خرجت من المبنى قلت لماذا انا متردد، على الأقل ستكون هذه قصة جميلة أخبر بها أبنائي. فعدت مره أخرى ولكن هذه المرة طرقت الباب. وفتح لي وقلت انا هنا لتجارب الأداء. دخلت وأحسست أني في عالم آخر، أناس أشكال وألوان وكاميرات ومعدات. بدأت الدماء تنتفض في عروقي وأحسست بحماس شديد. كانت تجارب الأداء قد بدأت قبل قدومي بساعات وكنت آخر من حضر، فكنت الأخير في القائمة. دخلت الغرفة وطلب مني ان أؤدي دور وانا سعيد، وآخر وانا حزين. السعيد لمن يكن صعبا لأنني في الاصل كل ادواري السابقة كانت كوميدية هادفة. لذلك كان المشهد الحزين صعبا. فتذكرت اخونا اسعد رحمه الله، حيث وصلني خبر وفاته قبلها بأيام. فتذكرته ودخلت في مشهد حزين. وجلست “اعيط” والمخرجة تحاول تهديني”وانا أعيط” إلى أن قطعوا المشهد. فقالت لي المخرجة شكرا وانتظر اتصالنا. وصلت البيت ووجدت بريد إلكتروني منهم، يطلبون مني الحضور مره أخري في اليوم التالي. كنا مجموعة صغيره، فعرفت أننا من تم إختيارهم. طلب منا اداء احد المشاهد من الفليم. كان احدهم مربوطا علي كرسي وكان مطلوبا منا تعذيبه “تمثيل ” أول مابدأ المشهد رجعت للخلف قليلا ثم سددت ركلة برجلي علي رأسه، سقط على الأرض وهو يتألم. ضحكت المخرجه لمدة طويل وقام وهو معجب بضربتي! الممثلين بعض الأحيان غريبين! وقالت لي المخرجة أنت يجب أن تكون في الفيلم.

شارك الفليم في مهرجانات كثيره، منها مهرجان الأفلام الدولي في كوالالمبور عام 2007 ، مهرجان فينكس للأفلام في أمريكا عام 2008، ومهرجان الأفلام الدولي في بكين عام 2007. مامررت به وقت التصوير أقنعني أن هذا المجال فعلا ليس لي وكانت تجربتي الأولى والأخيره. ولم أتحدث عن الفيلم كثيرا بعدها كما طلبت من مسؤولي الفليم حذف إسمي من قائمة المشاركيين فيه ولكن في الفليم نفسه إسمي مازال موجود كما تظهر الصور الملحقة لأن ذللك مما لايمكن تعديله. كانت مرحلة وعبرت، إستفدت منها كثيرا، وأستطيع أن أخبر أبنائي الان أنني كنت هناك ولن أعود مره أخرى ولماذا لن أعود.

.