هل المواليد مشكلة؟

خطت قدماي خطوات كثيره، وأحيانه قليله، في سبع دول. درست مع طلاب من أكثر من 50 جنسية. ولازلت أعمل في شركه موظفيها من 42 جنسية مختلفة. ومع إختلافنا في بعض المشاكل الإجتماعية وتشابهنا في أخرى، المشكله اللتي تكاد لاتوجد لديهم هي مشكلة ” المواليد”. المواليد هم من ولدوا بشكل قانوني على أرض لا يملك أحد والديهم جنسيتها. عند الحديث عن هذه المجموعة يجب مراعاة التالي:

1) هم لم يختاروا أن يولدوا في الأرض اللتي ولدوا فيها.
2) الماده الرابعه من نشرة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) عن حقوق ومسؤوليات الإطفال تحدد أن (على الحكومات احترام حق الأطفال في الحصول على اسم وجنسية وروابط عائلية).

السؤال الذي يطرح نفسه الان، لماذا تواجه بعض المناطق الجغرافية هذه المشكله بينما لاتكاد تكون موجوده في مناطق أخرى؟ للإجابه على هذا السؤال علينا العوده إلى قبل أكثر من الفي عام حين كانت الحضاره الرومانية في ذروتها. كان الرومانيون يطبقون قانون (Jus soli) وهو مصطلح يمكن ترجمته إلى ( الحق في الأرض) أي الحق بجنسية الأرض اللتي يولد عليها الإنسان. بناء على هذا القانون كفل الرومانيون الجنسية الرومانية لكل من ولد على أرض من أراضي الإمبراطورية الرومانية. لم يتغيرهذا القانون بشكل عالمي إلا في القرن الثامن عشر ميلادي عندما بدأت ألمانيا بإعطاء الجنسية لكل من هو ألماني عرقا فقط (jus sanguinis) أي الحق في الأرض لأصحاب عرق محدد. تأثرت بعض دول وسط أووربا بألمانيا ولكن مع بعض التعديل، بدأت تعطي الجنسية لمن يتحدث لغتها أو ينتمي إلى أحد عرقيات البلد الأصلية وليس عرق واحد بالتحديد. بعد سقوط جدار برلين أصدرت ألمانيا قرارا في 1990 ميلادي بالعوده إلى قانون (الحق في الأرض) لمن ولد على أرضها.

من ناحية شرعية، في كتابه عن الجنسية والتجنس وأحكامهما في الفقه الإسلامي، ذكر الدكتور سميح الحسن أن الإسلام دين وجنسية، وإن الجنسية الإسلامية تقوم على أساس الانتماء إلى الإسلام تديناً أو الانطواء تحت سلطان دولة إسلامية نظاماً. الجنسية التأسيسية الإسلامية، ظهرت لأول مرة مع قيام الدولة الإسلامية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حدد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الوطنيين الأصول في الدولة الإسلامية، وهم المهاجرين والأنصار والمتبعين لهم من اليهود، فهؤلاء هم شعب الدولة الإسلامية. وأضاف الدكتور سميح أن الجنسية الإسلامية في ظل الدولة الإسلامية تمنح لكل من أعلن إسلامه، وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، بعد التحقق من صدق دعواه وإخلاص نيته. وهذا ماكان مطبقا إلى عهد آخر خلافة إسلامية، الدولة العثمانية. لذا، بدأت مشكلة المواليد في العالم الإسلامي مع سقوط الخلافة وظهور القوميات المختلفة وتشتت وحدت المسلمين.

حاليا، توجد 37 دولة مازالت مطبقه لقانون (Jus soli)، والدولة “المسلمة” الوحيدة اللتي تطبق هذا القانون هي باكستان، وربما الجمهورية التركية لشمال قبرص عندما يتم الإعتراف بها.  القائمة الكاملة هي كالتالي:

1.ساموا الأمريكية
2.انتيغوا وبربودا
3.الأرجنتين
4.أذربيجان
5.بربادوس
6.بليز
7.بوليفيا
8.البرازيل
9.كندا
10.تشيلي
11.كولومبيا
12.دومينيكا
13.الجمهورية الدومينيكية
14.الاكوادور
15.السلفادور
16.فيجي
17.غرينادا
18.غواتيمالا
19.غيانا
20.هندوراس
21.جامايكا
22.ليسوتو
23.المكسيك
24.نيكاراغوا
25.باكستان
26.بنما
27.باراجواي
28.بيرو
29.جمهورية مولدوفا
30.سانت كريستوفر ونيفيس
31.سانت لوسيا
32.سانت فنسنت وغرينادين
33.ترينيداد وتوباغو
34.الجمهورية التركية لشمال قبرص
35.الولايات المتحدة
36.أوروغواي
37.فنزويلا

بعض الدول مثل أمريكا، وأستراليا أضافت تعديلات بسيطة على القانون، مثلا أستراليا تعطي المولود على أرضها الجنسية بعد بلوغه عشرة سنين. ولكن روح القانون الإصلية مازالت موجودة. بعد السرد أعلاه، يتضح أن المناطق الجغرافية الغير مطبقه لقانون (Jus soli) تواجه مشاكل جذرية لها علاقة بالمولودين على أرضها. الجنسية هي الحل التقليدي، ولكن في القانون الدولي، الجنسية أمر سيادي ويحق لأي دوله منحها أو عدم منحها بدون إبداء الأسباب. إذا ما هو الحل؟ الحل يمكن في توفير آليات بديلة توضح الحقوق الإنسانية لهذه الفئة. بعد الحلول المطبقة حاليا هي الحصول على الإقامه الدائمه (سويسرا) والحصول على إقامه مؤقته مع إماكنية الحصول على الإقامه الدائمه (بريطانيا). بعض الحلول الأخرى هي الحصول على إقامه مؤقته حتى سن البلوغ أو إنهاء التعليم الأساسي. ولكن يتوجب وجود آلية توضح حقوق هذه الفئه بدون تمييز.

لذلك يتضح أن المواليد ليسوا مشكلة، ولكن المشكلة تكمن في عدم وضوح وضعهم القانوني في بعض المناطق الجغرافية وعدم وجود آلية تحدد مالهم وماعليهم.

.