كيف تختار التخصص التقني المناسب لطموحاتك المستقبلية

هذا السؤال، على أهميته، كثير من الشبان لايطرحونه امامهم ولا يبحثون عن اجابته. هناك المهندس، الطبيب والمعلم، ولكن قليل منهم من يسعى للتوجيه والتذكير و تقديم التوعية الأكاديمية والمستقبلية على أسس علمية صحيحة.

قبل أيام سألت شاباً طموحاً عن رغيته الدراسية وطموحاته المستقبلية، حيث أنه قد بدأ لتوه دراسة اللغة الإنجليزية في جامعة ماليزيه، فقال لي أنه يريد دراسة هندسة الميكاترونكس (Mechatronics Engineering)، فقلت له هذا تخصص جميل وممتاز جدا ونحن في حاجة إلى كفائات في هذا المجال.

و للمعلومية، ميكاترونيكس هو العلم الهندسي الذي يربط بين الهندسة الميكانيكية والهندسة الكهربائية وهندسة الحاسب وأنظمة التحكم، لذلك مهندس الميكاترونكس يجب أن يكون قادرا على تصميم و استعمال الدارات الإلكترونية التماثليه و الرقميه (Analogue & digital circuits)، المعالجات المصغره (Microprocessors)، الآلات الميكانيكية، الحساسات أو المجسات (sensors)، المحركات (actuators)، وأنظمة التحكم كي يكون قادرا على الوصول إلى الأهداف المرجوة من تصميمه. مثال بسيط على مجالات عمل مهندس الميكاترونكس هو العمل في مجالات القطارات السريعه مثل قطار الرصاصه الياباني (Japanese Bullet Train).قطار الرصاصة هو قطار يعمل على مبدأ الميكاترونكس، تصل سرعته مابين 300 كيلومتر/ ساعة إلى 8000 كيلومتر/ ساعة،و هو مشهور بقطار الرصاصه الياباني ولكنه موجود في الصين، كوريا الجنوبية وكثير من دول غرب أروبا وأكبر المصنعين له هو اليابان وفرنسا.

عودتاً إلى أخانا الطموح الراغب في دراسة هندسة الميكاترونكس، بعد أن ذكرت له الكلام مكتوب أعلاه سألته ماهو المجال الذي يريد العمل فيه، فقال لي ” لا أدري، سوف أرى بعد أن أنهي دراستي”. للأسف هذا خطأ فادح يقع فيه الكثير من الشباب الطموح، هو تحديد التخصص الدراسي قبل تحديد المجال العملي، كم شخصا تعرفون درس علوم الحاسوب وحاليا هو أو هي يعمل كمعلم، مدير مبيعات، إداري أو في مجال التسويق؟ أنا شخصيا أعرف الكثير، كل هذه المهن جميله جدا ولا عيب فيها ( كل مهنه شريفه هي فخر للعامل فيها ولنا) ولكن هم في هذه الأعمال لأنهم درسوا ( في غالبيتهم) علوم الحاسوب على أساس أنه مجال ممكن أن يوفر لهم لقمة عيش هنيه وهو مجال “مرغوب” ونسوا أن يركزوا في تخصص معين في علوم الحاسوب، كالبرمجه، الشبكات، هندسة النظم أو الأمان والحماية، هذا التركيز أو التخصيص سيوفر لهم فرص عمل أفضل ذو دخل مادي أعلى، ولكن حرصنا على الشهادة قبل تحديد نوعية المهنه التي نفضلها أو نرغبها أدي إلى الكثير من المشاكل والتعقيدات. وسبب عدم تحديدهم للمجال الدقيق هو عدم تحديدهم لمجال العمل الذي يرغبونه أو يفضلونه أو على الأقل يميلون إليه.

إضافة إلى ذلك، مهندس الميكاترونكس ممكن أن يعمل في مجال القطارات السريعة، التصنيع، في مراكز الأبحاث، وفي المجالات الأكاديمية، هذه فقط أمثله لمجالات عديده ممكن العمل فيها، الشيء الذي يجب ملاحظته هنا أن كل هذه المجالات لايشترط فيها دائما الحصول على شهادة في هندسة الميكاترونكس، ممكن أن يعمل فيها مهنس الإلكترنيات،الكمبيوتر، الكهرباء، الميكانيكا…الخ. لذلك إذا أراد شخص العمل في مجال تصنيع الطائرات بإمكانه أن يدرس هندسة طيران أو هندسة تصنيع أو هندسة كهربائيه…الخ ومن هذا نستنتج أول فائده من تحديد نوعية العمل أو المجال التقني المستقبلي، قبل بدأ الدراسه، وهو توفير مجال أوسع من الحريه لأختيار أسهل وأسرع طريق ممكن أن يوصلنا إلى الهدف المنشود.

فائده أخرى، هو توفير الوقت والمال، حيث أن الدراسه متوفرة الان في دول كثيره وبعضها بأسعار زهيده ، ومتوفره عن طريق المراسله أو الفصول الإفتراضية على الإنترنت. مثلا، إذا كان حلم شاب أن يعمل في شركة سامسونج في مجال تطوير شاشات LCD ، وعلم أيضا أنه للعمل لديهم يحتاج إلى شهادة في مجال الهندسة ( في أي تخصص) والدخول في برنامجهم التدريبي ( شهر) فبإمكان هذا الشاب الذهاب إلى الهند ودراسة هندسة المعدات instrumentation engineering في 3 سنين، وهو في نظرنا أسهل تخصص هندسي في مجال LCD، ومن ثم العودة والتقديم في سامسونج وإنتظار الفرصه المواتية للعمل معهم، أليس هذا أفضل من دراسة هندسة الإلكترونيات أو الرقائق الصغيرة لمدة 4-5 سنين للعمل في نفس المجال وبنفس الراتب؟

فائده أخيره هي بمعرفة مجال عملك المستقبلي بإمكانك إستغلال فترة الدراسة الجامعية في الإطلاع أكثر على مجالك المرغوب والإستفادة من المنشئات والمختبرات الموجودة في الجامعة لتطوير مهاراتك ومعرفتك، وأيضا الإستفادة من الأساتذة الجامعيين بسؤالهم عن أخر التقنيات الموجودة وكيفية تطويرها.

.